نادي الفكر المغربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
نادي الفكر المغربي

الرأي و الرأي الاخر
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 بأي لغة عربية نكتب ؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
guevara

guevara


المساهمات : 59
تاريخ التسجيل : 04/05/2008

بأي لغة عربية نكتب ؟ Empty
مُساهمةموضوع: بأي لغة عربية نكتب ؟   بأي لغة عربية نكتب ؟ Emptyالأربعاء مايو 21, 2008 1:45 am

نبيل عودة



في حوار مع زميل لي ، أديب مخضرم ... حول لغة الكتابة الأدبية ، وبالتحديد اللغة الروائية ، جزم أن ما اتفق على تسميتها ب " لغة الصحافة " لا تنفع كلغة للكتابة الروائية .

هذا الحوار يتردد بصيغ مختلفة ، حول مجمل الكتابة باللغة العربية.

أوضحت أن للجملة الروائية أو القصصية ، كما للشعر، مميزات خاصة بها ، تختلف عن المقالة أو الخبر ، إن كان بطريقة تركيبها ، أو وضعها بالسياق النثري. ولكن الكلمات تبقى هي نفسها.

زميلي أضاف أنه يقصد أن مفردات لغة الصحافة ، هي مفردات غير أدبية ولا تصلح لخلق إبداع أدبي فني، رواية مثلا...

سالته : وهل نستطيع بلغة الجاحظ أن نكتب اليوم إبداعا أدبيا ... رواية مثلا ... ؟

هذا ذكرني بالنقاش القديم والرائع بين العملاقين الخالدين ، الأديب الموسوعي مارون عبود ، والشاعر الكبير نزار قباني، يوم تمسك مارون عبود بالشكل الكلاسيكي للقصيدة ، وأصر نزار قباني على الشكل الحديث ، في حوار من أجمل وأرقى ما قرأت في ثقافتنا العربية .

لم يكن النقاش مجرد خلاف على الشكل . . إنما تضمن أيضا لغة القصيدة ، ومعروف أن نزار قباني هو الشاعر العربي الذي جعل الشعر في متناول وفهم حتى أبسط الناس . فهل نستطيع أن نقول إن لغة نزار قباني الشعرية هي لغة " غير أدبية " لأنها قريبة جدا من لغة الصحافة ،أو هي لغة الصحافة نفسها؟ هي بلا شك لغة بسيطة بمفرداتها ، متدفقة كالماء بصياغاتها ، وهي من النوع الذي اتفق على تسميته بالسهل الممتنع . إن شاعرية نزار فوق أي نقاش ،ولا أظن أنه يوجد شاعر مقروء في العالم العربي أكثر من نزار قباني .. حتى شاعر عملاق آخر مثل العراقي مظفر النواب ، أذهلنا بشاعريته ، ووضوح صياغاته وسهولة الاندماج مع أجوائه بلغته العادية وغير المعقدة رغم ثراء لغته ومفرداته وعالمه التراثي الواسع ... وهي اللغة العربية التي يسميها البعض " لغة الصحافة " بسبب مفرداتها وصياغاتها السهلة التي لا تحتاج " لمفسر أحلام أدبي " ليشرحها للقراء .

حين سألت زميلي اذا كانت لغة الجاحظ تلائم الطلب ، لم أقصد أن " الموروث " ، كما يحلو للبعض تسميته... انتهى دوره ، إنما عنيت أن لكل عصر لغته وسماته ومميزاته ، التي تتأثر بالحديث ( من الحداثة ) وتتطور دون انقطاع ، ودون تصادم ، مع القديم ، وأن مفردات لغة عصر مضى ، لا تلائم مفردات اللغة في عصر آخر أحدث ، على الرغم من أنها تنبع منها وتتطور على أساسها. كذلك الأمر بالنسبة لأسلوب الصياغة .

هذا النقاش العابر ، أثار في ذهني قضايا لغوية متعددة ، وجعلني أعيد التفكير في بعض المسلمات التي كانت تبدو واضحة وثابتة ، ولا تستحق التفكير ، وأثارت في ذهني مسائل أخرى أوسع من نطاق اللغة ، وكنت قد طرحت مواقف مختلفة حول اشكاليات لغتنا وواقعها الصعب في داخل اسرائيل ، وارتباط بعض إشكالياتها بالواقع السياسي والاجتماعي والثقافي للعرب الفلسطينيين مواطني اسرائيل . ولكن هناك موضوعا ترددت كثيرا في خوضه ، ليس لحسابات تتعلق بردود الفعل السليبة التي قد أواجهها من بعض المتثاقفين ، الذين لا يرون في مداخلاتي إلا خطأ لغويا عابرا في صياغة جملة ما ، ويتجاهلون ما أطرحه من فكر يستحق النقاش والاختلاف في الرأي ، والتفكير والاجتهاد لفهم الاشكاليات الصعبة ، وطرق تجاوز حواجز "حرس حدود" اللغة ، الرافضين لأي تطوير وتزحزح عن المحنطات اللغوية.

هل يمكن أن نخضع لسيبويه والكسائي الى أبد الآبدين ؟

هل كان يمكن أن يصبح نزار قباني الشاعر الأكثر قراءة وتأثيرا لو لم يصر على نهجه الحداثي لغة وأسلوبا وأفكارا ؟

هل يوجد في اللغة العربية لغة فصحى كلاسيكية ، ولغة فصحى أخرى حديثة ؟ أم أن الفصحى هي فصحى واحدة تتطور وتتعدل حسب الظروف الحياتية والواقع الاجتماعي والاقتصادي المتحرك ؟!

معروف أنه يوجد نقاش لم ينته بين مؤيدي الكتابة بالفصحى ومؤيدي الكتابة بالعامية، وهناك اتجاه ثالث ، وسطي ، ينادي بتقريب الفصحى للعامية ، وتقريب العامية للفصحى( تفصيحها) !!

لا يمكن برأيي نفي مروث اللغة العامية وتعابيرها المفعمة بالدقة والحرارة ، والتي لا بديل لها أحيانا بالفصحى.

كذلك لا يمكن القول إن تراثنا بلغته ومفرداته لم يعد ذا اهمية. اذ لا شيء يتطور من العدم . أما مدى العلاقة الدينامية ، بين الموروث والحديث ، بين اساليب التعبير القديمة وأساليب التعبير الحديثة ، بين أساليب الصياغة القديمة ، وأساليب الصياغة الحديثة ، فتلك برأيي تبقى مسألة للغويين ، وليست لنا نحن الكتاب والشعراء وسائر المبدعين ...

للأديب مهمة محددة ، كما أفهم ... أن ينقل بشكل فني ما يراوده من أفكار وصور، وبلغة تتلاءم مع زمانه ومكانه ، دون التقيد بأهلية هذه المفردات أو عدم أهليتها ، لأنه عندما نتحول من الإبداع في لحظة نشوة ، الى البناء المحسوب بمقاييس لغوية متزمتة ، عندها لن ننتج أدبا وفنا إنما فذلكات ذات شكل لغوي بلا مضمون فني ، وبلا حياة !!

وأعود للبداية : ما هي لغة الصحافة ؟!

هل هي نبتة غريبة في بستان اللغة العربية ؟

هل هي لغة أخرى دخيلة على لغة الضاد ؟

انا أحدد وأعرف بنفس الوقت ، أن لغة الصحافة ، هي اللغة ذات المفردات الأكثر استعمالا وفهما في محيط اللغة العربية الواسع .

هل هذا ينفي تطوير مفردات جديدة ؟ أو الاستفادة من مفردات كلاسيكية تعبر بشكل أدق وأجمل عما نريد قوله ، وبشكل بعيد عن التعقيدات ، والفذلكات اللغوية ؟!

أحاول هنا ان أحدد فهمي للموضوع برمته ، ربما هذه التسمية " لغة الصحافة " هي تسمية خاطئة، ولا تعبر تماما عن الواقع . أنا أميل لتسميتها ب " الفصحى السهلة "... أو " الفصحى الحديثة " كمميز لها عن الفصحى الكلاسيكية. وفي الوقت نفسه أرى أن اللغة في كل زمان ومكان يتحدد شكلها وثروة مفرداتها ، حسب معطيات العصر نفسه .

حاولوا أن تكتبوا عن واقع العراق المأساوي بصياغات ومفردات وأسلوب الجاحظ . . أو عبدالله بن المقفع ... أو حتى طه حسين الأكثر حداثة .

خذوا قصة أو رواية لكاتب ما ، حنا مينا مثلا ... وحاولوا أن تبدلوا مفرداتها بمفردات كلاسيكية، أو أن تصيغوا النص بأسلوب كلاسيكي ...

هل ستحصلون على مبنى روائي أجمل وفنية أرقى ، ولغة أبعد تأثيرا ؟!

لا شك عندي من عبث المحاولات.

إن فنية العمل ، لا علاقة لها بمدى ضلوع الأديب بنحو اللغة وقواعدها، اللغة جهاز ( أداة ) أساسي وضروري ولا إبداع بدونه . أما الإلمام علميا بتفاصيلها وقواعدها ، فهو عامل إيجابي ، ولكنه ليس العنصر الأساسي للإبداع الفني ، وبالطبع تبقى المسألة نسبية .

إن اللغة جسم حي ومتطور باستمرار ، ولكل عصر لغته ، مفردات ومعان ومناخ ثقافي وفكري، وما يسمونها اليوم " لغة الصحافة " هي في الحقيقة اللغة الفصيحة السهلة المعاصرة الأكثر سرعة في التكيف مع الواقع .

وكما أننا لا يجوز أن ننقطع عن الموروث اللغوي والثقافي ، فلا يجوز كذلك أن يقف الموروث حاجزا أمام التطور الدائم للغة.

من هنا نصل الى سؤال هام : هل اللغة وسيلة أم غاية ؟

أثناء قراءتي لكتاب " الثقافة والامبريالية " للمفكر الفلسطيني د. إدوارد سعيد ( ترجمة بروفسور كمال أبو ديب ) وقعت بفخ المفردات المعجمية، والصياغات اللغوية المركبة، مما جعلني أكرس جهدا مضاعفا لفهم لغة الكتاب العربية أولا ، قبل أن افهم الطرح الفكري المثير للكتاب. وكنت قد " تورطت " قبل "الثقافة والامبريالية " بقراءة كتاب لادوارد سعيد أيضا ، ولنفس المترجم ، وهو كتاب "الاستشراق "، وهزمتني لغة الكتاب، شديدة التعقيد والغرابة، ولم أستطع الصمود في معاناة القراءة والبحث عن تفسير للمعاني ، كنت وكأنني أقرأ كتابا بلغة أجنبية لا أتقنها جيدا، وعلمت من صديق لي ، مثقف أكاديمي ، أنه فشل في قراءة النص بالعربية وقرأه بنصه الأصلي باللغة الانكليزية ، وأنه هو الآخر لا يفهم ضرورة هذا التعقيد والنبش لإيجاد مصطلحات عربية لا يستعملها جيلنا ، ولن يستعملها أحد من الأجيال المقبلة، وذلك بدل تطوير اللغة العربية وتسهيلها ، كما حدث ويحدث بمختلف اللغات العالمية.

كتاب إدوارد سعيد " الاستشراق" قراته فيما بعد مترجما للغة العبرية ، بلغة واضحة وسهلة الفهم . لماذا الترجمة العبرية مفهومة لقارئ مثلي يعيش نبض اللغة العربية ويعشقها ولا يستطيع قراءة نفس الكتاب بلغته الأم – اللغة العربية ، التي تشكل محورا لعالمه الإبداعي ؟

إذن لمن نصدر كتبنا ؟

لمن نكتب إذا كنا غير مفهومين بصياغاتنا ؟

اذا عجزنا كمثقفين عن فهم ترجمة بلغة عربية راقية بلا أدنى شك ، فما هو حال سائر المواطنين ؟

كيف نصبح شعبا قارئا ، حين نعجز عن فهم المقروء؟

والأخطر ، كيف يصبح لنا دور اجتماعي وسياسي في تقرير مستقبل أوطاننا ، اذا كنا عاجزين عن فهم ، على الأقل ... لغتنا البسيطة المستعملة في وسائل الإعلام ؟

نبيل عودة – كاتب وإعلامي فلسطيني - الناصر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بأي لغة عربية نكتب ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نادي الفكر المغربي :: Forum Tawassol :: ساحة الشعر و الأدب المكتوب-
انتقل الى: