نادي الفكر المغربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
نادي الفكر المغربي

الرأي و الرأي الاخر
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 علي عزت بيجوفيتش وثنائية الطبيعة البشرية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
treuaman1

treuaman1


المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 15/05/2008

علي عزت بيجوفيتش وثنائية الطبيعة البشرية Empty
مُساهمةموضوع: علي عزت بيجوفيتش وثنائية الطبيعة البشرية   علي عزت بيجوفيتش وثنائية الطبيعة البشرية Emptyالثلاثاء يونيو 24, 2008 12:56 am

Idea




علي عزت بيجوفيتش، الرئيس السابق للبوسنة، رحمه الله، مجاهد مجتهد· وربما كان دوره كمجاهدِ وقائدٍ سياسي أمراً معروفاً للكثيرين، بيد أنه لا يُعرف إلا أقل القليل عن اجتهاده الفكري، على رغم أهميته· ومن ثم، يجدر إلقاء الضوء هنا على بعض جوانب فكره·



يقول علي عزت بيجوفيتش في كتابه الإسلام بين الشرق والغرب إن الإنسان ليس كائناً مادياً طبيعياً فحسب، وإنما هو أعظم من ذلك، فنقطة انطلاقه مادية روحية· وإذا كانت نقطة انطلاقه مادية واحدية، فإن مقدرة البقاء المادي تصبح هي غاية الوجود وتصبح أمور أخرى -مثل الفن والتضحية بالذات- أمورا ضارة، لأنها تعوق الإنسان عن التطور· وفي هذا السياق، تصبح الأميبا أكثر أهمية من الإنسان، لأن لديها قدرة على البقاء تفوق مثيلتها لدى الإنسان، إذ قد يهلك الإنسان ولا تهلك هي· وعليه إذا تبنينا معياراً مادياً واحدياً فسنجد أن الأميبا أكثر مركزية من الإنسان!



وإذا قلنا إن الإنسان ظهر نتيجة عملية تطور طويلة ابتداء من أدنى أشكال الحياة، حيث لا يوجد تمييز واضح بين الإنسان والحيوان، فسنكتشف أن هذا القول يصدق فقط بالنسبة لتاريخه· البشري الخارجي، أما تاريخنا البشري الجواني فلم يتغير كثيراً، وقد تعمق في وعي الإنسان أنه ليس مختلفا عن الحيوان فحسب، ولكنه أدرك أيضاً أن معنى حياته لا يتحقق إلا بإنكار الحيوان الذي بداخله· فإذا كان الإنسان هو ابن الطبيعة كما يقولون، فكيف يتسنى له أن يبدأ في معارضة الطبيعة؟ لو كان الإنسان ببساطة أكثر الحيوانات كمالاً لكانت حياته بسيطة خالية من الأسرار· وإذا تخيلنا تطور ذكاء الإنسان إلى أعلى درجة، فسنجد أن حاجاته ستزداد من ناحيتي الكم والنوع، ولن يتلاشى شيء منها، وكل ما سيحدث أن طريقة إشباع هذه الحاجات ستصبح أكثر ذكاء وأفضل تنظيماً· أما فكرة أن يضحي الإنسان بنفسه في سبيل الآخرين، أو أن يرفض بعض رغباته، أو أن يضبط ملذاته الجسدية - فإن هذا لا يأتي من ناحية عقله، ولا يحدث من خلال تطور طبيعي بيولوجي مادي··



ولا يمكن لنظريــة التطور الداروينيــة أن تفسر السبب في عدم تغير تاريخ البشـــــــــر الجـــــــــــــوانـــى كثـيـــــــرًا·· فالإنســــان -بأخطائه، وفضائله، وشكوكه، وخطاياه، وكل ما يشكل وجوده الجوانى- يبرهن على عدم قابليته للتغيير· فدراسة رسوم إنسان نياندرتال فى فرنسا تبين أن الحياة النفسية للإنسان البدائى لا تختلف إلا قليلا جداً عن الحياة النفسية للإنسان المعاصر· حتى رجل الكهف الذي عاش قبل سبعين ألف سنة مضت قد عانى من هذا الدوار الميتافيزيقي، مرض الإنسان الحديث· ونحن في القرن الحالي لا يزال بإمكاننا أن نُعجب بفنون الفراعنة ونقرأ ملحمة جلجامش ومسرحيات إيسخيلوس ، ونشعر بما شعروا به ونفرح ونحزن معهم· وإذا كان تطـــــور الآلات قد أدى إلى ظهور حاسوب قادر على كل شيء تقريباً، فإنه سيكون عاجزاً تماماً عن أن يكتب شعرًا أو أن يميز بين الخير والشر أو يبشر بالفرح والحزن· وقد تـــم تلخيص هــــــذا الموقــــف فــــــي العبــــــارة التاليـــــــة: out Garbage in, garbage ، أي أنه إذا أُدخلت نفايات في الحاسوب، فالمحصلة النهائية ستكون أيضاً نفايات· ويمكن القول، أيضاً، إن الحاسوب يتسم بالذكاء، إلا إنه غير قادر على التمييز بين الصالح والطالح· وقد يساعدنا الحاسوب في الإجابة على السؤال كيف نحيا؟ ، ولكن إذا طُرح عليه سؤال لماذا نحيا؟ فسوف يعجز عن أن يقدم جواباً، على رغم أن هذا قد يكون أهم سؤال يجابه الإنسان· ويرى علي عزت بيجوفيتش أن نظرية التطور لا يمكن أن تفسر لِمَ امتلأت حياة الإنسان البدائى بالعبادات والأسرار والمحظورات والاعتقادات؟ لماذا أسبغ الإنسان الحياة الشخصية على كل الأشياء المحيطة به من أحجار ونجوم وأنهار وغيرها؟ فعلى مدى أربعة آلاف سنة مضت، نحاول أن نتخلص من كوابيس الإنسان البدائي دون أن نفهم طبيعتها ومصادرها·



إن الجوانب البيولوجية لظهور الإنسان يمكن تفسيرها بالتاريخ السابق، أما الجوانب الجوانية فلا يمكن استنتاجها بأي شيء وجد قبله· وظاهرة الحياة الجوانية أو التطلع إلى السماء ظاهرة ملازمة للإنسان، غريبة عن الحيوان· هذا الجانب من الإنسانية، وهذه الظواهر (الخير والشر- المقدس والمدنس- الشعور بالفجيعة- الصراع الدائم بين المصلحة والضمير- التساؤل عن وجودنا) تظل مستعصية على أي تفسير منطقي· ولكن انطلاقاً من الإيمان بثنائية الإنسان والطبيعة، والاختلاف الجوهري بين الاثنين، وثنائية الطبيعة البشرية، يبين علي عزت بيجوفيتش أن أصل الإنسان لا يمكن أن يكون مادياً، أي أنه ليس نتيجة تطور مادي· فالعنصر الروحي في الإنسان، والذي يستعصي على التفسيرات المنطقية المادية، لا يمكن أن يوجد إلا بفعل الخلق الإلهي، والخلق ليس عملية مادية وإنما فعل إلهي، ليس شيئاً متطورًا، وإنما هو فعل فجائي (كن·· فيكون)· فمنذ اللحظة التي تأنَّس فيها الحيوان، في المقدمة السماوية الدرامية ، أو من اللحظة المشهودة المعروفة بالهبوط إلى الأرض ، ظهر تاريخه الإن


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
علي عزت بيجوفيتش وثنائية الطبيعة البشرية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نادي الفكر المغربي :: Forum Tawassol :: فكر تنويري-
انتقل الى: